responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 371
وصولهم الى مصر ليشتروه ويقسموا ثمنه وَاللَّهُ المطلع مخايل عباده عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ ويأملون وهم يسرونه في نفوسهم ولما اطلع اخوة يوسف على قدوم السيارة ونزولهم حول الجب تسارعوا نحوهم ليبيعوه لهم حتى يخلصوا منه بالمرة فوصلوا الجب ولم يجدوه فبادروا نحو القفل وتجسسوا فوجدوه عندهم فقالوا لهم هذا عبدنا قد ابق منا ان اشتريتم نبيعه على ما رضيتم وأقر يوسف ايضا على الرقية خوفا من القتل ولم ينكر عليهم
وَبالجملة شَرَوْهُ بعد اعترافه بالرقية وباعوه بِثَمَنٍ بَخْسٍ مبخوس منقوص دَراهِمَ لا دنانير مَعْدُودَةٍ قليلة وَانما شروه بها إذ هم قد كانُوا فِيهِ اى في شأن يوسف وفي حقه مِنَ الزَّاهِدِينَ الراغبين المعرضين عنه لذلك باعوه بها وبعد ما اشتراه مالك بن ذعر من اخوته بما اشتراه ذهب به الى مصر بضاعة فلما أوصله الى مصر وأراد ان يبيعه فسلمه الى النخاس فباعه
وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو العزيز الذي قد كان على خزائن ملك مصر واسمه قطفير او اطفير حين ذهب به الى بيته لِامْرَأَتِهِ زليخا أو راعيل أَكْرِمِي مَثْواهُ وأحسني حاله ومعاشه وتلطفى معه بأنواع اللطف والشفقة انى أتفرس منه الرشد والنجابة عَسى أَنْ يَنْفَعَنا بعقله ورشده وكفايته وتدبيره أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً يستخلف منا لأنه كان عقيما فأراد ان يتبناه وَكَذلِكَ اى مثل ما عطفنا قلب العزيز عليه بعد قهر اخوته وفرقة أبيه وأخيه وغربته من وطنه في صغر سنه ووحشته في غيابت الجب وذلة رقيته قد مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وجعلناه متصرفا عليها ذا قدرة واختبار تام ورشد كامل ليتصرف فيها كيف يشاء وَلِنُعَلِّمَهُ وننبه عليه مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ الواقعة في عالم الكون والفساد وطريق الرشد والعدالة ليصل بها الى العدالة الحقيقية الحقية التي هي عبارة عن النبوة والنيابة الإلهية وَبالجملة اللَّهُ المدبر لأمور عباده غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ المراد له المتعلق لمصالح عموم عباده وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ غلبته سبحانه واستقلاله في امره وتصرفه في ملكه لذلك اشتغلوا بخلاف مراده والسعى في ابطال مشيته كاخوة يوسف فلم يصلوا الى ما قصدوا
وَلَمَّا بَلَغَ يوسف أَشُدَّهُ وكمال عقله وقوته وأوانه في الغالب ما بين الثلثين والأربعين قد آتَيْناهُ انجازا لما وعدنا عليه في سابق علمنا وقضائنا حُكْماً حكومة بين الناس مقارفة بالقسط والعدل السوى وَعِلْماً بسرائر الأمور ورقائق المناسبات ومن جملتها تعبير الرؤيا وَكَذلِكَ اى مثل ايتائنا إياه من الفضائل والفواضل المقدرة له في لوح القضاء نَجْزِي عموم الْمُحْسِنِينَ الذين يحسنون الأدب معنا في عموم حالاتهم اتقاء منا وتوجها إلينا
وَاذكر يا أكمل الرسل اتقاء يوسف الصديق من الله سيما وقت اشتغال نار الشهوة في عنفوان الشباب وحين راوَدَتْهُ وخادعته والحت عليه بالوقاع الامرأة الَّتِي هُوَ اى يوسف فِي بَيْتِها والحال انه هي سيدة له حاكمة عليه وهي زليخا امرأة العزيز وقد احتالت عليه بأنواع الحيل حتى تخرجه عَنْ نزاهة نَفْسِهِ ونحبة فطرته الا وهي العصمة والعفاف وتوقعه الى ما تهواه نفسها وهو الوقاع والسفاح وَبالغت في ذلك المكر والاحتيال الى ان غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ السبعة يوما عليه وخلت معه في بيت وَقالَتْ متحننة عليه معرضة نفسها اليه هَيْتَ لَكَ يعنى بادريا يوسف الى التعانق والجمع معى قالَ يوسف حينئذ بمقتضى نجابة النبوة وطهارة الفطرة والفطنة بالهام الله إياه مع سورة شهوته ووفور ميله اتقاء من محارم الله ورعاية لحق من احسن اليه مَعاذَ اللَّهِ اى أعوذ بالله معاذا والوذ نحوه سبحانه ان يعصمني عن أمثال هذه الفعلة الذميمة

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست